البدلة العلاجية وقفص العنكبوت... تقنيات متطورة لعلاج أبنائنا ذوي الإعاقة
البدلة العلاجية وقفص العنكبوت... تقنيات متطورة لعلاج أبنائنا ذوي الإعاقة

يحقق العلم قفزات كبيرة ومتسارعة في شتى المجالات ومناحي الحياة بهدف تسهيل حياة الناس وحل مشاكلهم، ومواكبة احتياجاتهم المختلفة، وكل يوم يطالعنا العلم بالجديد والمتطور الذي تم اكتشافه واختراعه في أحد المجالات، ومن هذه المجالات ما يتعلق بالأطفال ذوي الإعاقة وعلاجهم وتأهيلهم، والذي يحظى باهتمام من شتى القطاعات الطبية والعلمية في سبيل توفير كل ما يمكنه تطوير وتفعيل عملية علاج هؤلاء الأطفال وتخفيف معاناتهم والإسراع بشفائهم.

         وتعتبر البدلة العلاجية وقفص العنكبوت من التقنيات الهامة للعلاج الطبيعي لذوي الإعاقة ولا سيما الأطفال منهم، والبدلة العلاجية هي اختراع حديث من اختراعات عصر الفضاء، بدأ في روسيا في محاولة لمعالجة الآثار السلبية المتمثلة في ضمور العضلات وهشاشة العظام التي كان يعاني منها رواد الفضاء نتيجة لانعدام الجاذبية خلال الرحلات الطويلة في الفضاء، واستغلت شركة (إدلي) الروسية هذا الاختراع وأنتجت بدلة (إدلي) المطورة لتمنح المصابين بالإعاقات الحركية أو الشلل الدماغي أملًا جديدًا في الحياة، وذلك بعد أن لاحظت أن الأعراض التي يعاني منها رواد الفضاء هي ذات الأعراض التي يتعايش معها ذوو الإعاقة.

 

     وقد بدأ استخدام البدلة في تسعينيات القرن الماضي للأطفال الذين يعانون من أمراض عصبية – عقلية، وفي عام 1997م بدأ استعمالها للأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2002 قامت إيزابيلا وريتشارد كوشيليني بتصميم البدلة العلاجية، وهما أخصائيا علاج طبيعي، ولديهما بنت وهي (كايا) وتبلغ من العمر (17) عامًا ولديها شلل دماغي، وتم تسجيل البدلة العلاجية لدى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وتستعمل حاليًا في الكثير من المستشفيات والعيادات في أنحاء الولايات المتحدة والعالم.

     وتقوم فكرة البدلة العلاجية على أسلوب علاجي متكامل يركز على تحفيز تطوير الاستقلالية الذاتية والاعتماد على النفس، والبدلة العلاجية هي عبارة عن سترة يسهل ارتداؤها، تتيح للجسم التهوية، تم تصميمها لتصحيح قوام الجسم والحركة لدى الأشخاص ذوي الشلل الدماغي، وتتكون من قبعة وصدرية وبنطلون قصير ولبادات للركبة وحذاء معدل، وتوصل جميعها بواسطة نظام من الأربطة المطاطية والأربطة المساندة القابلة للتعديل، وهذه الأربطة تضع الجسم في الوضع الصحيح ليتعلم مريض الشلل الدماغي الأنماط الصحيحة للحركة، كما تعمل على تدريب المفاصل مما يثير الحواس الداخلية التي تعطي المريض إحساسًا واضحًا بالمفاصل ويجعل التحكم في الحركة أسهل.

     وفي حوار مع الأستاذة إيمان مصباح سليمان، كبيرة أخصائيات العلاج الطبيعي بجمعية الأطفال ذوي الإعاقة وهي من الجهات التي قامت بتفعيل البدلة العلاجية واستخدامها من وقت مبكر، تقول: "يتم تطبيق برنامج العلاج المكثف باستخدام البدلة العلاجية بجمعية الأطفال ذوي الإعاقة من عام 2007 م إلى الوقت الحالي، ويعالج الأطفال المصابين بالشلل الدماغي بعد التقييم والفحص الطبي لحالة الطفل وتأكيد أن حالته تسمح بدخوله البرنامج كما يجب فحص مفاصل الحوض والعمود الفقري مؤكَّدة بصورة الأشعة لخلوه من خلع أو إزاحة بمفاصل الوركين تزيد عن 50% أو تقوس بالعمود الفقري بدرجة 40 % تمنعه من الاستفادة".

     وأضافت إيمان مصباح: "مدة العمل بالبرنامج للطفل جلسة علاج فردية لمدة 3 ساعات يومياَ على مدار 3 أسابيع بحضور الأم مع الطفل أو ما ينوب عنها، وخلال الثلاث ساعات يؤدي الطفل التمرينات العلاجية أثناء ارتدائه للبدلة لمدة 90 دقيقة، ثم ينتقل لوحدة الأوزان متعددة الاستخدامات لإطالة العضلات القصيرة وتقويتها لمدة 45 دقيقة، ومن ثم القفص العنكبوتي والغرض منه تدريب الطفل على مهارات مثل الجلوس والوقوف وتدريب  الثبات في وضع الحبو على اليدين والركبتين، والانتقال بين الأوضاع المختلفة مثل الجلوس للوقوف أو الوقوف على رجل واحدة بالتبادل واللعب بالكورة معتمدًا على حزام مثبت على وسط الطفل  بثمانية روابط مطاطية إلى جوانب القفص لمدة 30 دقيقة الغرض منها تسهيل الحركة وتعزيز قدرته على أداء الحركة بمفردة مما يزيد ثقة بنفسة وجعل التدريب أكثر متعة".

     والجدير بالذكر أن البدلة العلاجية (أو البدلة الفضائية كما يسميها البعض) يتم تصنيعها من قماش خاص قوي ومتين بحيث لا يمنع التهوية، ويكون ارتداؤه سهلًا وسريعًا، وقد أثبتت فاعليتها ودورها في علاج الكثير من حالات الأطفال ذوي الإعاقة ومنها حالات الأطفال المصابين بالشلل الدماغي ومرضى السكتة الدماغية وإصابات المخ الرضية وإصابات العمود الفقري وغيرها.

 

     أما بيت العنكبوت فهو وحدة تدريب شامل تُستخدم في عدة أغراض، ويُرمز لها بالعنكبوت لأن الشخص عندما يكون مُحلِّقا بواسطة العديد من الأربطة المطاطية فهو يشبه العنكبوت، وهذه الوحدة تعطي تعديلًا ديناميكيًا أفقيًا ورأسيًا للحركة، وترتكز أهداف التمارين على تحسين المهارات الوظيفية مثل الجلوس، والحبو، والجثو على الركبتين، والوقوف والمشي، والهدف النهائي هو تحسين وتطوير الحركة باستقلالية.

     ووحدة التدريب الشاملة تتيح للفرد أن يعيد تعليم جهازه العصبي وأن يحرك إحدى الأطراف بصورة منفصلة عن الأطراف الأخرى وتجعله يستطيع أداء الأنشطة الوظيفية المختلفة مثل المشي بطريقة صحيحة، ويصبح ذلك حقيقة واقعة.