جرب الكرسي
جرب الكرسي

"تجربة جمعية الأطفال ذوي الاعاقة في صناعة القرار " 

 

في إطار برامج التوعية بقضية الإعاقة وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تتبناها جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، تم طرح برنامج رائد منذ العام 1426هـ تحت اسم "جرب الكرسي" يستهدف معايشة الأصحاء للمعاناة التي يعيشها ذوو الإعاقة خلال ممارسة الحياة اليومية، في محاولة للتعرف العملي على حجم العراقيل وكيفية تذليلها حتى يتمكن الآلاف من ذوي الإعاقة من خدمة أنفسهم ومجتمعهم.

ويتضمن البرنامج إقامة مضمار يمثل نماذج من المعوقات التي تواجه المعوق في حياته، حيث تتاح الفرصة للأصحاء لتجربة الكرسي المتحرك المستخدم من ذوي الإعاقة، ومحاولة تجاوز تلك العقبات، وقد استطاعت الجمعية ليس فقط تسجيل إضافة جديدة ذات أثر مباشر في الذهنية المجتمعية من خلال هذا البرنامج، بل أيضاً وضع القضية على أولويات صاحب القرار إسهاماً في صياغة تشريع جديد يضع حداً لتلك المعاناة

وشهد البرنامج خلال تطبيق بواكيره الأولى في مركز غرناطة التجاري بالرياض للفترة من 8-17 رمضان سنة 1426هـ إقبالاً منقطع النظير، وعلى أعلى المستويات، حيث شارك فيه عدد من أصحاب السمو والمعالي، ومختلف فئات المجتمع.

وانتقل خلال الفترة نفسها إلى مناطق مراكز الجمعية ومواقع أخرى في الوزارات، والجامعات، والمدارس، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وكثير من مقار أجهزة القطاعين العام والخاص، ولاقى البرنامج تفاعلاً وحماساً من المشاركين، تجسيداً لمقولة "ليس من جرب كمن سمع، أو حتى كمن رأى".

وكان ينعكس ذلك التفهم بالطبع إيجابياً في النظرة إلى المعوق، التي تتجاوز الأفق الضيق للعطف والشفقة، اللذين بقدر ما يعكسان حسن نوايا من صاحبهما يكون وقعمها وأثرهما النفسي سلبياً على الشخص ذي الإعاقة نفسه، الذي يحاول أن يقهر عوقه بإرادته وتصميمه لقناعته في ضوء ما يشاهد من نماذج لا حصر لها، أن الإعاقة لا تعني نهاية المطاف.

 

تفاعل المؤسسات الوطنية:

تسابقت ثلاث شركات ومؤسسات مالية عملاقة على مساندة برنامج "جرب الكرسي" وفي حضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الإعاقة تم توقيع ثلاث اتفاقيات رعاية للبرنامج مع كل من شركة السلام للطائرات، ومجموعة سامبا المالية، وشركة فاروق ومأمون تمر، وتضمنت الاتفاقيات تقديم دعم مالي من الشركات الثلاث للأنشطة والفعاليات التي تصاحب تنفيذ البرنامج في كافة مناطق المملكة العربية السعودية تعزيزاً لما حققه من نجاح منذ طرحه قبل عدة سنوات.

هذا وقد وجه سمو الأمير سلطان بن سلمان تحية شكر وتقدير إلى ممثلي الجهات الثلاث لتفاعلها المميز مع البرنامج ومساندتها لجهود الجمعية، ووصف "جرب الكرسي" بأنه أحد أنجح برامج التوعية والتثقيف التي تبنتها جمعية الأطفال ذوي الإعاقة في إطار جهودها لصياغة رأي عام واع ومساند لقضية الإعاقة على مستوى الوطن.

 

المجتمع يجنى ثمار البرنامج:

أسهم برنامج "جرب الكرسي" في إحداث حراكٍ مجتمعيٍ أفضى إلى صدور برنامج وطني أطلق عليه "الوصول الشامل"، وتبناه مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة منذ أكثر من 11 سنة وتحديداً منذ عام 2007، وهو يدعم أكثر من ثلاثة ملايين مواطن (10% من السكان) من ذوي الإعاقة وكبار السن، وذلك بهدف دمجهم في المجتمع وتذليل كافة العقبات أمامهم لممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي؛ والتمتع بحقوقهم وتحقيق طموحاتهم وخدمة بلادهم ودمجهم في المجتمع مع أقرانهم المواطنين.

 

ويأتي هذا البرنامج انطلاقاً من الدور الوطني الذي يقوم به المركز لتفعيل البنود ذات العلاقة من نظام رعاية المعوقين بالمملكة، وما تضمنته المادتان الثانية والثالثة من النظام من وجوب تهيئة وسائل المواصلات العامة لتحقيق تنقل الأشخاص ذوي الإعاقة بأمن وسلامة، ووضع الشروط والمواصفات والمعايير الهندسية والمعمارية الخاصة باحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.

وقد تحققت هذه المبادرة الوطنية المهمة بدعم وإشراف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، الذي شكل لجنة برئاسة سموه للإشراف على تطبيق البرنامج واعتماد الإجراءات اللازمة لتنفيذه على أرض الواقع، ووضع آلية عمل لتفعيل البرنامج ضمن القطاعات الحكومية والخاصة.

ويخدم برنامج الوصول الشامل جميع فئات المجتمع السعودي، ويشمل الجوانب المعمارية والمعلوماتية والتقنية والسلوكية والحقوقية، وجاء مشفوعاً بدراسة شاملة ركزت على تقييم وقياس الوضع في المملكة ومدى مطابقته لأفضل المعايير والممارسات الدولية المقبولة التي شملت المنشآت والمباني ووسائل النقل والنظم السياحية ومنتجاتها وبناها التحتية.

وأصدر المركز بناءً على تلك الدراسة أربعة أدلة إرشادية؛ الدليل الأول خاص بالوصول الشامل للبيئة العمرانية، والثاني خاص بالوصول الشامل في وسائط النقل البرية، والثالث خاص بالوصول إلى الوجهات السياحية وقطاعات الإيواء، والأخير خاص بالوصول لوسائط النقل البحرية.

6  مدن صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة:

في عام 2010م أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمير منطقة الرياض حينذاك) عن مبادرة لجعل الرياض أول مدينة صديقة للمعوق على مستوى المملكة، بعد إقراره مبادرة الوصول الشامل، حيث وقع – أيده الله - اتفاقيات تعاون بين مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة والعديد من الجهات الحكومية لتطبيق برنامج الوصول الشامل الذي ينفذه المركز بدعم من وزارة النقل، تأكيدا على أهمية استيعاب الأشخاص ذوي الإعاقة في أوجه الحياة العامة، ومساندتهم في جميع المجالات لكي يتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

كما أعلن أمير منطقة مكة المكرمة مستشار خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أن المنطقة ستكون صديقة للمعوقين، من خلال تطبيق برنامج يساهم في ذلك، داعيا كافة الجهات الحكومية والأهلية لتوقيع اتفاقية سهولة الوصول للمعوقين وتطبيقها.

كما أعلنت عدد من المدن السعودية انضمامها للمدن الصديقة للمعوقين، حيث أعلنت مؤخراً مدينة الباحة أنها مدينة صديقة للمعوقين وبذلك يكون هناك ست مدن منها جازان وحائل رحبوا أيضاً بالفكرة من خلال تبني تطبيق برنامج سهولة الوصول الشامل.